ناصر زارع

القرآن الکریم کتاب فی غایة الفصاحة والبلاغة والإعجاز، وهذا الکتاب مملوء بالأسالیب الجامعة والمانعة لبیان المعنى المنشود وإلقائه إلى ذهن المخاطب. المباغتة تدلّ على أمرٍ لم یحسبْه الشخص وحدثت له دون انتظار وتوقع، فالمباغتة وهی عمل الغرض منه استثمار غفلة الغیر وذلک بتوجیه ضربة سریعة وقویّة فی مکان وزمان معینین بحیث لا یتمکن المخاطب من اتخاذ أی رد فعل مضاد لإحباط الخطط. اخترنا فی هذا المقال موضوع «المباغتة والمفاجئة» فی القرآن الکریم لنبحث عن الأسالیب والسیاقات التی نواجهها فی شأن المباغتة والمفاجئة لنرى لماذا اختلفت هذه الأسالیب، مبیّنین الأهداف والمقاصد والأغراض ودلالة کل کلمة من کلمات المباغتة اللفظیة فی هذا الکتاب على المنهج الوصفی- التحلیلی مستعینین بالمنهج الإحصائی. قمنا فی هذا المقال بتحلیل أصوات ألفاظ المباغتة اللفظیة التی قد ذُکرت فی القرآن وهی "بغتة" 13 مرة، و«إذا» الفجائیة التی ذُکرت فیه 47 مرة، وواصلنا البحث بتحلیل الحروف والکلمات والتراکیب والآیات والسور التی جاء هذان اللفظان فی سیاقها لنرى الأهداف والأغراض ودلالات کل من هذین اللفظین فی سیاقه الذی جاء فیه، وعدم مجیء أحدهما فی موضع الآخر. وأهمّ النتائج التی توصّلنا إلیها هی: أنّ «بغتة» استعملت فی معظم الآیات لبیان مباغتة الکفار والمنافقین حین أخذهم العذاب خاصة عذاب الموت والهلاک وعذاب القیامة، لکنّ «إذا» استعملت فی معظم الآیات لبیان إعجاز الأنبیاء ونکث عهد الکفار وإنکارهم لنعمات الله تعالى وشرکهم به. وکذلک یکون الغرض الأساسی فی الآیات الشاملة للفظة «بغتة» هو اعتبار الناس من القوم الظالمین ومصیرهم، ولکن الغرض الأساسی فی الآیات الشاملة للفظة «إذا» هو ترهیب الناس من المعاصی وترغیبهم إلى عمل الخیر.