علی خضری

یُعد الروائی العراقی سنان أنطون من ضمن الذین وظّفوا الأسالیب الروائیة الحدیثة فی روایاته لاسیّما تیّار الوعی، وکان الدافع فی توظیفه لهذا الأسلوب هو إنّ الحیاة الواقعیة بمشکلاتها وسلبیاتها ومعوقاتها تأثّرت بالإرهاب الذی ظهر بسبب تکسیر الأنا العراقیة وبنیتها الهشّة أساساً، وإنّ الروائی العراقی ما عاد منشغلاً بالآلیات قدر انشغاله بالثیّمات، فهول المرحلة المعاشة وما رافقها من کم هائل من الموضوعات الجدیدة غیر المعتادة أثبت أنّ إستخدام الأسالیب الروائیة القدیمة لن یجدی نفعاً. من هنا قامت هذه الدراسة على منهجها الوصفی - التحلیلی - النفسی بدراسة تقنیات تیّار الوعی وظواهره الأسلوبیة فی روایات سنان أنطون، وقد اختار الباحث مدوّنة التطبیق لها روایات سنان أنطون الأربعة وهی حسب ترتیب النشر: "إعجام"، و"وحدها شجرة الرمّان"، و"یا مریم"، و"فهرس". تناول البحث مفهوم تیّار الوعی وجذوره الفلسفیة والعلمیة والأدبیة والتکنیکات التی یستخدمها، بعد ما رصد السیرة الذاتیة والمنجزات العلمیة والأدبیة للروائی سنان أنطون. کما تصدّى للمصطلحات التی تدور فی فضاء هذا الأسلوب الروائی الحدیث، راصداً العلاقة فیما بین التکنیکات المستخدمة نفسها. أظهرت الدراسة أنَّ الکاتب استخدم بمهارة التکنیکات المتعلقة بأسلوب تیّار الوعی، لیتمکّن من النفوذ فی الدهالیز المعقّدة لذهنیات الشخصیات ورصد محتواها واستبطان حالاتها النفسیة المعقّدة، فهو باستخدامه لتقنیة الإضاءة أدخل القارئ إلی عالم السرد السینمائی لیعیش الأحداث عن کثب، بل یلمسها لمس الید، بعد ما منحها وظیفة سایکولوجیة لیعبّر بها عن الحالات النفسیّة مثل الخوف والقلق التی تعانی منها الشخصیات. کما أظهرت الدراسة أنَّ الأحلام التی ظهرت علی مستویین: أحلام منامیة وأحلام یقظة خاضعة للتدخّل، ترتقی إلی مستوی الکوابیس، مرتبطة بالتمظهرات السیاسیّة الاجتماعیّة الألیمة الناتجة عن الاحتلال والاحتقان الطائفی، وقد جاءت لتخدم حبکة الروایات، فهی لم تأت لتجسید رغبات مکبوتة، بل مهرباً نفسیاً ومعادلاً موضوعیاً فی حیاة الأبطال ومآسیهم. ولم ینس الکاتب التحفیز اللغوی لدوره الفعّال فی بناء نسیج المقاطع الحلمیة. وقد أکّدت الدراسة أیضاً أنَّ سنان أنطون وظَّف المونتاج السینمائی لقدرته علی تقدیم أفکار وصور جدیدة، تمکّن القارئ من فهم أفضل لأحداث الروایات، مستخدماً المونتاجات الأربع للتعبیر عن الص