علی خضری

الزمن عنصر أساسی یربط المقاطع السردیّة و الحوادث علی التسلسل الخطی للزمن فی الروایة الکلاسیکیّة، أم علی عدم التسلسل المنطقیّ للزمن فی الروایة الجدیدة. إذا تفتتح موضوعة المفارقات الزمنیة بعدم التسلسل المنطقی بین الحوادث، فللزمن إمکانیة الانفتاح علی الماضی و المستقبل من خلال الاسترجاعات و الاستباقات الزمنیّة کما استخدمهما غسّان کنفانی فی روایته «عائد إلی حیفا». اهتمّ کنفانی بخرق الترتیب الزمنیّ و تیار الوعی وبذلک یمنح الروایة التمیّز والفرادة؛ لأنّ السرد یتمتّع بهذه التداخلات الزمنیّة للدلالة علی التشرّد و التحیّر. وبناءً علی اتّساع الانزیاحات الزمنیّة فی الروایة تستهدف الدّراسة إلى البحث عن وظیفة المفارقة الزمنیّة اعتماداً علی المنهج الوصفی_التحلیلی، لکی تبیّن مدی تأثیرها علی المخاطب، ودورها فی التعرّف علی الشخصیات، و الحوادث. وصلت الدّراسة إلی أنّ الاسترجاعات الخارجیّة وردت 31 مرّة فهی قد حظت بأوسع مجال فی الروایة لخلق السیولة؛ تتمثّل الاسترجاعات بکافّة أنواعها عبر الدیالوج و استثارة ذکریات الحرب و التشرّد من خلال آلیات الحواس، اللحظة الحاضرة، و الفضاء مثل الشاطئ، الشوارع، البیوت؛ هذه الاسترجاعات خاصّة بنوعیها الکامل والتکمیلی تساعد السارد على تقدیم معلومات شاملة حول تشرّد الفلسطینیّ أثناء نکبة فلسطین فی عام 1947م، والحکی عمّا جرّبه النّاس من الإرهاب عبر الترحال والاغتراب طوال قرن العشرین. یأتی شخصیة سعید بالاستباق التقریری و الإیحائی 7 مرّات لتبلور الوعی فی عام 1967م. قام کنفانی بتوظیف الاستباقات الزمنیّة عبر التمهید والإعلان للتعبیر عن انتظاره للحرکة الإیجابیّة تجاه الوطن وتفاؤله بأنّ الشعب سیدفع أی ثمن فی سبیل الأهداف الوطنیّة.