علی خضری

الأنثروبولوجیا علم یهدف للکشف عن الآخر الإنسان؛ أی معرفة طریقة تفکیره ونمط حیاته، وقیمتها وطریقة سلوکه، وطبیعته الذاتیة والموضوعیة، فتشعبت من هذا العلم فروع کثیرة تدرس الأنثربولوجیا على ضوءها، منها الأنثروبولوجیا الاجتماعیة. فهی إذن تبحث فی الإنسان وهواجسه الحیاتیة والمعیشیة، وفی روایة "عرس الزین" جاء الکاتب الطیب صالح برسم صورة الإنسان النمطیة وتجسیدها فی المجتمع القروی السودانی من خلال تآلف أنواع الأنثروبولوجیا؛ من تقالید، وقیم، وثقافات، ومعتقدات وعلاقات وقرابة وطقوس الزواج وغیرها من الأمور، والکشف عن مدى تأثر الکاتب من بیئته واستقاءه منها على شکل خطاب سردی مفعم بالصور الأدبیة والسرد الهادف، ولغة تتغلغل بمشاعر المتلقی، وتصویرها وَفقًا لهواجس الإنسان ومشترکاته واهتماماته واقتباساته من موروثه الشعبی وطقوسه ومراسیمه المتوارثة، وتأصیل القیم وترسیخها فی جذور الإنسان والأواصر التی تجمعه مع بنی بیئته. لقد جسّد الکاتب فی هذه الروایة حیاة القریة السودانیة، مع ما تحمل من معاناة وبؤس لحیاة المهمشین، ومن ثمّ تتطرق للطقوس والعادات والمعتقدات والخرافة، کما تناول معاناة الفرد القروی وحدّد شخصیة الزین المهمشة ونسج من حولها القصص التی تناولت قضیة الزواج والدین والثقافة فی القریة السودانیة، وتناول وجوه الفقر والبؤس فیها. یهدف هذا البحث إلى بلورة البعد الأنثروبولوجی من خلال الاعتماد علی المنهج الوصفی ــــ التحلیلی، فلا بدَّ للکشف عن هذه الوجوه کأنموذجا فی المجتمع السودانی، وتبین العلاقات وکیفیة ترابط للأنساق الموجودة فی نسیج المجتمع القروی فی روایة "عرس الزین" والتوغل فی البعد الاجتماعی وخصوصًا الزواج وبناء حیاة الإنسان فی تلک المدّة التی صورها الکاتب