علی خضری

یُعدُّ الضَّیاع من المفاهیم المتشعبة لظاهرة الاغتراب التی یصاب بها الفرد فی مجتمعه، إثر تقلبات الوضع الاجتماعی السائد؛ فلذلک نرى هذه الظاهرة النفسانیة تدخل الأدب الاجتماعی بقوة لتصبح جزءاً لایتجزأ منه.الروایة بطبیعتها لن تتخلّى عن سلوکیات مجتمعها؛ فلهذا تراها تعکس معظم الوقائع والأحداث التی تقع بین أفرادها، بنظرة أدبیة اجتماعیة ثاقبة. یعدُّ الضَّیاع من أهم عناصر الاغتراب الذاتی، التی تطرّقت إلیه الروائیة بشرى خلفان فی روایتها "دلشاد". هذه الروایة المعاصرة التی سبرت أغوار أزمات الضیاع والاستلاب الهووی فی الفضاء الروائی. تعتمد هذه الروایة على دراسة سوسیولوجیة، حیث أخذت الروایة عناصرها من الواقع الاجتماعی، واستطاعت الروائیة أن تتنقل بأحداث النص السردی الذی نرى فیها التداخل القصصی الأنثروبولوجی الذی یُعدُّ من أهم أرکان تکوین العمل الروائی، إلى عالم استکشافی فی النص الروائی. تُعدُّ هذه الروایة من الأعمال الأدبیة الاجتماعیة فی حبکتها السردیة ،حیث استطاعت خلفان أن تُجسد الأحداث فی نهایة القرن التاسع عشر، کالأحداث التاریخیة، والسیاسیة فی هذا المجتمع المتناقض فی معظم فقرات الروایة، التی جعلت الرؤیة السیکولوجیة فی النص تُعرَّف من خلال التعبیر؛ بأنَّ دراسة الفرد فی المجتمع، دخلت فی حیِّز الأدب الاجتماعی الذی یدرس النصوص من خلال السلوکیات المتوارثة فی الإنسان. هذا البحث وفق المنهج الوصفی - التحلیلی وذلک باقتحام الأحداث المتراکمة بنظرة سوسیولوجیة فی فسیفساء المجتمع العمانی. تزامنت وقائع الروایة مع اندلاع الحرب العالمیة الثانیة، حیث أخذت الروایة علی عاتقها تعریف شخصیة الفرد البلوشی بهویة مُذبذة هامشیة تسکن علی قارعة الطریق، وأن المجتمع البلوشی شعب ینتمی لموررث ثقافی أصیل. کان الضّیاع متصلا بشخصیات الروایة ولاسیما"دلشاد" الذی انتهى مصیره بضیاع جدید باحثا عن إبنته "مریم"؛ التی تحدّت السلطة الذکوریة، والضغوطات التی تمارس ضدّ المرأة. کانت أزمة الهویة علامة صارخة فی النص الروائی التی أدّت بانصهار مفهوم "الأنا" وإقصاء الفرد فی المجتمع.