علی خضری

یعدّ الخوف من الموت والرهاب المتعلق به من أشد الأمور تأثیراً على النفسیة البشریّة بشکل عام وتشتد هذه الرهبة فی أزمنة خاصّة، حینما یواجه الإنسان حالة طارئة أو حدثاً مفاجئاً وذلک حینما یلفّه الغموض، وهذا ما یُسمّى فی الدراسات السیکولوجیّة برُهاب الموت أو القلق منه وقد شهدت المجتمعات البشریّة هذه الحالة بکافة أطیافها سابقا، إذ أصبح الأخ والأخت والابن والأم والأب مصدر قلق شدید؛ حیث أن الفایروس المشؤوم قد تصوّره العامة أنه مختبئ فی اللامکان واللازمان، یتسلل من اللاشئ إلى الوجود ویفتک به وکان لهذه النظرة المخفیة أثرٌ بائن ومستمر فی حیاتنا الیومیّة، فقد فتک بالبشریّة وأهلک منها الکثیر. وکان لهذه الحالة النفسیّة صدىً فی الأدب، حیث کتب عن رهاب الموت فی زمن الکووید الشاعر اللبنانی "عباس بیضون" مجموعة شعریّة تحت عنوان "الحیاة تحت الصفر" وقد تطرّق فیها إلى صور فریدة من حالة الذعر النفسیّة التی شهدها هو والعالم فی تلک الفترة وقد ضمنها بأسلوبه الخاص صوراً جمالیة یجب أن تدرس من الجهة الإستطیقیة والسیکولوجیة معاً ومن هذا المنطلق تهدف هذه الدراسة الکشف عن خبایا هذه الحالة النفسیة وجمالیة التعبیر عنها فی دیوان الشاعر المنظور للدراسة وفکّ طلاسم هذه الحالة اللاشعوریّة الموجعة بین سطوره الشعریة، وتکون ثیمة الموت والخوف من المجهول وعبثیّة الحیاة والعزلة، أبرز الثیمات فی ثنایا مجموعته الشعریّة، آملین أن نُعرّف هذا الإحساس الرهیب للشاعر على وجه الخصوص والإنسان بشکل عام عبر دراسة نقدیّة وقراءة تحلیلیّة تستمد من السیکولوجیا والإستطیقا لشرح هذه الحالات النفسیّة والشرخ الرهیب فی وجدان الإنسان عبر زمن الکورونا المظلم.