حسین مهتدی

الشاعر قد ینحو من البلاغة منحی یوحی فیه بالتشبیه من غیر أن یُصرّح به فی صورة من الصور المعروفة وهذا ما عرّفه البلاغیون بالتشبیه الضمنی إذ یُعدّ من الظواهر البلاغیة التی فیها إعمال عنصر العقل جنبًا إلی جنب مع الإحساس والعواطف. یلجأ الشاعر إلیه لما فیه من أثر فی تعمیق المعنی وما فیه من دقة ولطف. أبوالفتح البستی وهو من الشعراء الإیرانیین فی القرن الرابع للهجرة استقی من معین هذا اللون التشبیهی وأکثر منه حتی یبدو لمن تعمّق فی شعره أنه ظاهرة بارزة متناثرة فی دیوانه؛ مما یلفت الانتباه ویستحق النظر والتأمل. من هذا المنطلق یهدف هذا البحث إلی معرفة التشبیه الضمنی وملامح من بلاغته فی شعر أبی الفتح البستی اعتمادًا علی المنهج الوصفی- التحلیلی وذلک من خلال البحث عن العناصر التی استمدها الشاعر فی خلق صوره الذهنیة الضمنیة من جهة و البحث عن أسالیبه المستخدمة فی هذا الصدد من جهة أخری. تدل النتائج علی أنّ الشاعر بسبب ثقافته الواسعة استعمل عناصر مختلفة فی تشبیهاته الضمنیة کمثل العناصر الفلکیة والطبیة. والأسالیب لدیه أکثر من أن تُعدَّ وتُحصی مما یدل علی قدرته الفائقة لاستیعاب قواعد اللغة العربیة إلّا أنه استخدم بعض الأسالیب أکثر. کما تدل علی أنّ الشاعر استفاد من هذا اللون التشبیهی لأغراض متعددة؛ إمّا للبرهنة والإقناع فیما کان یبدو غریبًا أو مستحیلًا وإما للإثارة والتحریک وإما للإمتاع وإمّا إلی سائر الأغراض البلاغیة المکنونة فی مطاوی أشعاره.