حسین مهتدی

إنّ التداولیّة باعتبارها نسقًا معرفیًّا استدلالیًّا تحاول أن تبیّن الأغراض المقامیّة للقائل، بمعرفتها عن استراتیجیّة النص الخطابی؛ فیکون المعنی عمدة التفسیر، وذلک بالتعرّف علی ثمن القول خارجًا عن النطاق اللسانی، والجانب العملی للقول؛ فالفعل اللغوی من وجهة نظر التداولیّة یصبح حدثًا فی العالم یحاول مقاربة التعبیر عن طریق التّواصل. تُعدّ نظریّة سیرل فی أفعال الکلام ضمن النشاطات المبذولة فی إثبات الدور الحاسم للغة العادیة فی توسیع المعانی، حیث نظریته بنیت علی الأبعاد الثلاثة التی یختلف بها کل فعل إنجازی عن الآخر وهی: الغرض الإنجازی، اتجاه المطابقة، وشرط الإخلاص. إنّ شعر سعید الصقلاوی متمیّز بکونه یشتمل علی تعدّد الموضوعات، وسائر مؤشّرات السیاق الوجودی، وسیاقات نصیّة متنوّعة، ممّا یجعل هذه المدوّنة میدانًا خصبًا تتجلّی فیه القضایا التداولیّة. إنّ غایة هذا البحث هی رصد أبرز التّقنیات الإبداعیّة التی تؤدّی إلی تفاعل المتلقّی فی عملیّة التواصل عبر المنهج الوصفی التحلیلی بغیة الوصول إلی استکشاف البُعد التداولی فی شعر هذا الشاعر، إذ حمّلت هذه التّقنیات الإبداعیّة النّص بحمولات دلالیّة خصبة بغیة إیصال الفکرة للمتلقّی، کما أنّها تدرس کیفیّة توظیف التّقنیات الإبداعیّة من قبل الشاعر ومدى نجاحه فی هذه العملیة. من أهمّ نتائج هذا البحث هو أنّ الأفعال الکلامیة الموظّفة فی أبیات سعید الصقلاوی تبدع محرّکًا مؤثِّرًا فی إثارة العواطف والأحاسیس، حیث تضمن التعاطف والتلاحم، مکمّلة قواعد المجتمع؛ ممّا تؤدّی إلی تکوین شبکة التواصل، مبنیّةً علی الائتلاف والتلاؤم والتمازج فی المعانی؛ إضافة علی ذلک تشحن هذه القواعد أو الشبکة، طاقة ایجابیّة مضمرة عن طریق الثراء الدلالی والتواصل المقصدی فی نفسیة المتلقّی؛ إذ تقوم بتغییر الأحوال الفردیة إلی المزدوجة الضروریة للنظام الاجتماعی.