خداداد بحری

بعد مضی زمن طویل من العمل فی المسرح العربی، سعى هذا المسرح أن یصیغ مضامین تقترب من ذهن المتفرّج فی مختلف البلاد العربیّة، حیث تشکّلت فکرة تأصیل المسرح العربی، فظهرت اتّجاهات کثیرة کالمقلداتی والسامر والکومیدیا المرتجلة والاحتفالیّة، حیث أصبح أصحابها ینادون بها اعتبارا من ستینات القرن الماضی. إنّ السینوغرافیا بعد أن مرّت بمراحل مختلفة وصلت إلى العصر الراهن، مؤکّدة على تنسیق العناصر البصریّة فی العرض بالآلیات بغیة تحقّق المشارکة أو الخیالیة شأن العلاقة بین الشکل الفنیّ والجمهور. الباعث إلى هذه الدراسة هو لزوم العودة إلى التّراث وإحیاء اعتباره الثّقافی والتاریخی الذی قد تعرّض للنسیان من قبل بعض دارسیّ المسرح فی الغرب، بذریعة العصرنة للعمل المسرحی. تسعى هذه المقالة التی اعتمدت فی بحثها على المنهج التوصیفی التحلیلی دراسة السینوغرافیّا التجریبیّة للتّمسرح الاحتفالی فی مسرحیة «ابن الرومی فی مدن الصفیح» إحدى آثار "عبدالکریم برشید" المسرحی المغربی الذی یعد أول من خطى خطوات جادّة فی هذا المجال وترک بصمة أدبیّة خاصّة وحقّق الهویّة الاسلامیّة، لترسم مدى نجاح الکاتب فی تحقّق مظاهر الاحتفالیّة ورفض معاییر الثّقافة الکلاسیکیّة الموروثة وقوالب الفکر الغربی. من أهمّ ما توصّل إلیه الباحثون أن "برشید" استخدم فی مسرحیّته هذه السینوغرافیات المتنوّعة التی تدلّ على مدى ثرائه وغناه فنیّا وجمالیّا وفضائیا حیث تتمیّز مسرحیّته عن مسرحیّات أقرانه المغاربة بالتعامل مع التّراث بشکل کبیر إلى درجة الهوس والجنون، والاهتمام الکثیر بالتّنظیر والتّأصیل والتّأسیس، والانفتاح على فضاءات رکحیّة وسینوغرافیّا، وهیمنة الرؤیة الاحتفالیّة بشکلٍ من الأشکال.