ناصر زارع

المنهج السیمیائی منهج حدیث یتمتّع بفاعلیة کبیرة فی قراءة النصوص الشعریة، للکشف عن نظام العلامات وتبیین وجوه الدلالة الکامنة فی کل نظام سیمیائی. یفتح هذا المنهج آفاقاً بین النصّ وقارئه ویعتمد على ضوابط محدّدة. إنّ العنوان من أهمّ النقاط التی تعالجها السیمیائیة؛ إذ یعدّ من المفاتیح لسبر أغوار النصّ، وله دور أساسی فی الکشف عن غایة العمل الأدبی. فهو الذی یحدّد هویة النص ویختزل معانیه ودلالاته المختلفة وأداة لقراءة أفکار الأدباء ومشاعرهم. إن العناوین المختارة لقصائد نادیة الملّاح الشاعرة البحرینیة المعاصرة ذات نزعة رومانسیة ترسم علامات وألوانا إشاریة یمتزج بعضها مع الآخر فی لوحة سیمیائیة یمکن تحلیلها وتأویلها من خلال المنهج السیمیائی؛ لذلک اختصّت هذه الدراسة بکشف هذه العلامات من خلال آلیات المنهج السیمیائی التی تعدّ الأقدر على استنباط تلک الدلالات من خلال بیان ممکنات النصّ بالعنوان. یعتمد هذا البحث على المنهج الوصفی ـ التحلیلی من خلال استقراء بنیة العناوین الصرفیة والنحویة والدلالیة، واستعراض أهمّ مظاهر الانزیاح الواقعة فی عناوین قصائد نادیة الملّاح. أظهرت الدراسة أنّ عناوین قصائد نادیة الملّاح وثیقة الصلة بالنص ومفتاح للولوج إلى نصّها کنقطة التلاقی بین الشاعرة والنصّ. إنّ الشاعرة فی اختیار العناوین تبدو متأثرة بحوافزها النسویة الرومانسیة التی تناسب مشاعرها وتتجلّى فی معجمها اللغوی؛ فتارةً توحی بالحزن وتارةً أخرى تمثل الفرح؛ لذلک یمکن کشف نفسیة الشاعرة وأفکارها وعلاقتها باللّٰه والإنسان وغیر الإنسان من خلال العناوین المعتمدة فی الدیوان. تهیمن الجمل الاسمیة على العناوین دلالة على حالة من الثبوت والدوام فی عقائدها ومشاعرها الإنسانیة. تختزل أغلب عناوین قصائد الملّاح مضمون القصیدة، وتکرّر الشاعرة مفردات العنوان فی قصائدها، کجزء لا یتجزأ من النص الشعری. یکثر فی عناوین قصائد الملّاح توظیف الآلیات الفنیة التی تضفی جمالیة فنیة على النص، کالانزیاح الترکیبی والانزیاح التصویری. یغلب فی هذه العناوین الحذف بالنسبة إلى غیرها من أنواع الانزیاح الترکیبی وتوظیف التشخیص بالقیاس إلى غیرها من أنواع الانزیاح التصویری.