ناصر زارع

یُعدّ الشعر وسیلة موحیة تعبّر عن حیاة الإنسان وحالاته النفسیة، وتکشف عن مکنونات النفس وإسقاطاتها، وللتواصل مع الآخر یعتمد علی الخطاب الإبداعی الذی یحقق الأهداف والمقاصد الدلالیة. فی هذا الصدد عکف الشعراء علی توظیف جملة من الأدوات الفنیة الفاعلة لنقل أفکارهم ومشاعرهم إلی المتلقّی، ولتحقق عملیّة التواصل. الخطاب الشعری هو عملیة تواصلیة ترمی إلی التأثیر فی عقلیة المخاطب وقناعاته تأثیراً یحقّق الأهداف والمقاصد. والشاعر المبدع للحصول علی هذه الغایة القصوی یحاول بقدر الإمکان أن یرفد نصّه بأدوات دلالیة وطاقات شعوریة لیرفع مستوی خطابه الشعری، فیخرجه من المباشریة والسطحیة إلی الثراء الدلالی والتواصل المقصدی مع الآخر. تناولت هذه الدراسة الکشف عن أبعاد التداولیة فی الخِطاب الشعری لدی الشاعر ولید سیف، وهی (الاستلزام الحواری، والأفعال الکلامیة، والإشاریات، والحِجَاج) اعتماداً علی المنهج الوصفی-التحلیلی. فبدأنا الحدیث بتعریف التداولیة لغة واصطلاحاً، ثم التطرق لموضوع التداولیة عند العرب والغربیین، ونشأة الفکر التداولی وتطوره، والمرجعیة المعرفیة للفکریة التداولی، وأهم المباحث التداولیة. اعتمدنا فی إنجاز هذا البحث علی خطة مشکّلة من بابین؛ أمّا الباب الأول فیحتوی علی المباحث النظریة، وتناولنا فی الباب الثانی آلیات التحلیل النصی فی أشعار ولید سیف وفقاً لنظریة التداولیة. وصلت الدراسة إلی نتائج هامّة و هی: أنّ أهمّ ما یمیّز الدّراسة التداولیّة، هو الترکیز علی اللّغة و مستعملیها، ففی هذا المجال یلعب السیاق دوراً بارزاً للتأثیر علی المتلقی فی العملیّة التواصلیّة. الشاعر الفلسطینی ولید سیف فی قصائده التی تتّسم بالخطاب الإبداعی، یسعی إلی التأثیر فی المخاطب لکی یتّخذ موقفاً مشرّفاً تجاه القضیّة الفلسطینیّة ومعاناة هذا الشعب، فمن هذا المنطلق عَمَدَ إلی استخدام جملة من وسائل التواصل التحفیزیّة المثیرة التی تنقل إحساس الشاعر إلی المخاطب وتضمن عملیّة التواصل. هذه الوسائل والأدوات الفنیّة ترفع مستوی الخطاب الشعری، وتخرجه من المباشریّة والسطحیّة إلی الثراء الدلالی والتواصل المقصدی. وهذه الوسائل والأدوات هی: الاستلزام الحواری، والأفعال الکلامیة، والإشاریات، وظاهرة الحِجاج