رسول بلاوی

إثر ظهور فن "الدیکوباج "استطاعت السینما أن تحقّق قاعدة جماهیریة کبیرة خلال فترة وجیزة جداً ،کما هیّأَ ظهور هذا الفن فرصة للأدباء لیثروا ما تجود به قرائحهم. ومن هذا المنطلق، قام الشعراء بتجسید الرؤیة الشعریّة الحدیثة الخالیة من التعقید والتشابک وفقاً لفن السینما ، ومن بین هذه الوسائل التعبیریّة یُعدّ "الدیکوباج "من العناصر الأساسیّة التی أثّرت فی الشعر المعاصر لإزالة الغبار عن الرؤیة الشعریّة وتوسّعها. ویتحقق ذلک من تأثیر أسلوب الفن السینمائی فی فکر الشعراء وخیالهم وغالباً ما تأتی هذه الظاهرة بصورة لا إرادیة. ویُقصد بالدیکوباج التقطیع المتعلّق بالمرحلة الأخیرة من السیناریو والذی یشرف علیه المخرج ویشتمل على تعیین الإضاءة وأحجام اللقطات وطولها الزمنی وحرکات الکامیرا وهذا ما نجده فی قصیدة "قیرون.. مکان فی الذاکرة" للشاعر ممدوح عدوان إذ استطاع أن یبنی قصیدته وفقاً للتقطیع الفنی لدى المخرج. اعتمدت هذه الدراسة على المنهج الوصفی –التحلیلی الذی طبّق أسلوب الدیکوباج على القصیدة بدءاً من الإضاءة لإظهار مکان عیش الشاعر المسمّى بـ "قریة "قیرون"، وأحجام اللقطات االملتقطة عبر الکامیرا الشعریة من المکان إضافة على الصورة والحرکة المتعلّقة بالکامیرا الشعریة والمؤثّرات الصوتیّة. توصّلت هذه الدراسة إلى نتائج أهمّها؛ أنّ قصیدة "قیرون.. مکان فی الذاکرة" ظهرت فیها اللغة السینمائیة التی تخضع إلى أسلوب الدیکوباج وتقوم ببناء صُور متحرکة فی ذهن المتلقّی وذلک من خلال اللقطات الشعریة المختلفة الأحجام وحرکات الکامیرا الشعریّة وهکذا تباعد النص الشعری للقصیدة عن الصورة الجامدة والثابتة نحو الحرکة والتصویر الخیالی الدقیق.