رسول بلاوی

یعد مفهوم النسق من المفاهیم الأساسیة التی یرتکز علیها النقد الثقافی، إذ یهتم هذا النقد بالوظیفة النسقیة فی النصوص والخطابات، ویستقصی اللاوعی النصی مقوّضاً اللغة البلاغیة التی تتراوح بین تفکیک المشاکل الاجتماعیة بلغة أکادیمیة متعالیة عن الواقع وبعیدة عن المشارکة فی حلحلتها، وبین الانغلاق على بنیة النص دون تجاوزها. وهذا النسق قد یکون فی الأغانی أو فی الأزیاء أو الحکایات والأمثال مثلما هو فی الأشعار والقصص والروایات والألحان الشعبیّة المسجّعة وغیرها من الفنون. فکل هذه العناصر ینطوی تحتها نسق ثقافی ثاوٍ فی المضمر یستقبله السامع أو الناظر أو القارئ لتوافقه الخفی مع نسق قدیم مترسخ فیه. حاولت هذه الدراسة، بالاعتماد على المنهج التحلیلی – الوصفی وفی ضوء النقد الثقافی الذی یبحث فی الأنساق الثقافیة المضمرة، رصد وتحلیل نسق الفحولة المضمر فی روایة تشرین للروائیة العراقیة وفاء عبدالرزاق، والذی ساهم فی ترسیخ سلبیات شارکت فی بناء الشخصیّة العربیّة إذ تتجلى هذه الشخصیة فی السلوک الاجتماعی والثقافی عامة، وأیضاً لتناول بعض الأفکار والمفاهیم وطرح بعض التأمّلات. ولقد درسنا فی المحاور الفرعیة تمثلات نسق الفحولة فی روایة تشرین التی أخذت صوراً عدّة مثل: الحب، والرغبة فی التحکم، والإقصاء، وتستر الفحولة بالدین، والخوف من العار. وقد توصلت الدراسة إلى مجموعة من النتائج؛ أهمها: إنّ وفاء عبدالرزاق بوعی منها حینا، وعلى غفلة منها أحیانا، جعلت الصراع القائم بین سلطة الخطاب الذکوری والتمرّد على هذا الخطاب وراء النسق الجمالی والأدبی، فسعت إلى شحن روایتها بنسق الفحولة المضمر، لذا تعد روایتها تحتفل بالمرکزی فحسب بل صار الهامش محط أنظارها کذلک.