رسول بلاوی

منذ مولد الفن السابع (السینما) تأسّست علاقة تبادلیة بینه وبین الروایة باعتبارهما لونین تعبیریین یقدّمان رؤیة عن واقع المجتمع. قدّمت الروایة النص المکتوب للسینما لتتمکّن الأخیرة من استبداله إلی سیناریو. ومن جانبها منحت السینما الروایة بعض التقنیات الفاعلة التی ترفد النص بطاقات دلالیة مثیرة منها الإضاءة. عبر توظیف الإضاءة یتمکّن الروائی من اختزال الحدث السردی وتکثیفه وإضفاء الطابع الإیحائی علی المشهد الروائی لیقوم بحرکة حرّة واعیة فی تصویر الحدث، کما یفعل المخرج تماماً. إنَّ سنان أنطون من الروائیین العراقیین الذین عزّزوا المشهد الروائی بتقنیة الإضاءة السینمائیة بفنیّة ومهارة. من الأسباب التی دعت أنطون إلی توظیف هذه التقنیة کونها لغة موازیة للغة المقروءة، تساعده فی تسلیط الضوء علی الصراع الهویاتی باعتبارها الثیمة الرئیسة للروایة بعد ما تصوّر للقارئ صورة بانورامیة عن بشاعة الأحداث الدامیة فی العراق. من هنا قامت هذه الدارسة علی منهجها الوصفی-التحلیلی بدراسة تقنیة الإضاءة وتجلیّاتها فی ظل رصد النصوص وتحلیلها حسب التلقّی وذلک لاستیعاب أسلوب أنطون السردی عبر استخدامه تقنیة الإضاءة فی روایة "یا مریم". وقد توصّلت الدراسة إلی نتائج منها أنَّ الکاتب باستخدام الإضاءة أدخل القارئ إلی عالم السرد السینمائی لیعیش الأحداث عن کثب بل یلمسها لمس الید،کما استنتجت أنَّ الکاتب منح الإضاءة وظیفة سایکولوجیة لیعبّر بها عن الحالات النفسیّة مثل الخوف والقلق والتی تعانی منها شخصیات الروایة.