رسول بلاوی

یُعدّ التراث البحری مصدراً مهمّاً من مصادر الإلهام والإبداع لدی الشعراء قدیماً وحدیثاً، إذ أقبلوا علیه للتعبیر عن أفکارهم وتطلعاتهم بدلالاته الرمزیة وطاقاته الفاعلة فی إثارة العواطف والمشاعر والأفکار. ومن الشعراء الذین وجدوا فی التراث البحری طاقات شعوریة وإیحاءات فاعلة هو الشاعر العمانی المعاصر سلیمان العبری، فقد استطاع أن یستخدم موتیف البحر بمهارة فنّیة فی نتاجه الشعری خاصة فی دیوانه الموسوم بـ "عندما یصحو جبل شمس" الصادر عن الجمعیة العُمانیة للکتّاب والأدباء عام 2018م. إنّنا فی هذه الدراسة وفقاً للمنهج الوصفی – التحلیلی، نهدف إلی دراسة مفردة البحر ودلالاتها الرمزیة فی شعر العبری کما نسعی إلی الکشف عن مدی فاعلیتها فی تولید الدلالة وثراء المعنی خاصة عندما تشکّل حقلاً دلالیّاً مع مفردات أخری مستوحاة من عُمق الذاکرة التراثیةکالبحار، والخلیج، والشطآن، والسفینة، والمرفأ، والشواطئ، والإرساء، والدُرّ، والأشرعة، والمرکب، واللجج. توصلّت هذه الدراسة إلی عدّة نتائج أبرزها أنّ التراث البحری فی شعر سلیمان العبری یوحی بالعطاء والکرم، والصفاء والنقاء، والعمق والسعة، والانفتاح والتحوّل، والتفاؤل والوصل، والهویة والحضارة، خاصة فی سیاق الحدیث عن بلده عُمان. ومن خلال رصدنا لمفردة البحر فی دیوان الشاعر، وجدناها تتمیّز بدلالات إیجابیة تثیر المتلقی وترفد النصّ بالفاعلیة والجمال، ولم ترد بدلالاتها السلبیة المعهودة لدی بعض الشعراء کالخوف والقلق والاضطراب والغموض والفناء والضیاع، لأنّ العبری تعامل مع ثیمة البحر باعتبارها تراثاً وطنیّاً ورافداً خصباً من روافد التقدّم والعطاء.