علی خضری

یعدّ رمز "القمر" من أبرز المظاهر التعبیریّة فی شعر عبدالوهاب البیاتی، فضلاً عن فاعلیّته وتأثیره الدلالی فی منح شعره سموّ الصورة الفنیّة وذلک من دون الالتزام بالصّراحة فی التعبیر عن الثورة، والدعوة إلى الحریّة والتمرّد على القیود الصارمة وما إلى ذلک من الموضوعات الّتی شغلت باله فی المجتمع البشری. رمز "القمر" یحظى بأهمیّة بالغة فی شعر البیاتی، فقد اعتمد الشاعر "دال" القمر کثیراً وذلک للإفصاح عن تجاربه فی الحیاة، حیث أنّ "القمر" لیس اسماً لظاهرة سماویّة فی اللّغة بل له دلالات إیجابیة وسلبیّة متنوّعة فی الأدب. یحاول هذا البحث وفقاً للمنهج الوصفی-التحلیلی معالجة رمز "القمر" عند البیاتی بصفته رمزاً کثیر الدلالة یحفل بالإیحاءات المتنوعة إثر مصاحبته اللفظیّة مع المفردات الّتی لا تلائم الظاهرة السماویّة و یتّصف بها الإنسان. من هذا المنطلق تطرّقنا إلى دلالات القمر الإیجابیة کالوطن، الأمل، الشباب المکافح، النصر و الحریّة، المدینة الفاضلة، إلى جانب دلالاته السلبیة کالیأس و الحزن، و الموت الأمیر، الخیانة، و الترحال. من أهمّ النتائج الّتی استخلصناها من البحث هی أنّ البیاتی اعتمد رمز "القمر" 72 مرّة للدّلالات الثانویة؛ للدّلالة على المعانی الإیجابیة، لأنّ الشاعر قد أکثر من ترمیز الأوطان والأمل بــ "القمر" و للدّلالة على التفاؤل عند البیاتی علی تفاؤل البیاتی لأنّه یرى القمر مصدراً للنور والحیاة فی الحیاة المشحونة بالاضطراب و التشاؤم؛ وإلى جانب ذلک اعتمد البیاتی رمز القمر للدلالة على المفهوم السلبی ویرجع سرّ هذا التوظیف إلى أحاسیسه وشعوره المفعم بالیأس والحزن ورؤیته إزاء الموت دونما یظهر له بصیص من الأمل.