ناصر زارع

مبحث الأنا والآخر فی الرّوایة العربیة تطوّر شیئاً فشیئاً وکثرت الدراسات وتطوّرات النظریات فی هذا المجال وأخذت کلّ صورة تفسیرها وتأویلها المتقن، ولکن هناک صورة نمطیّة تبقى فی الأذهان وهی صورة الغجر. هذه الصّورة صارت تلازم فضاءات الحانات والحفلات بما فیها من رقص ودعارة. الأدباء یستخدمون هذه الصّورة لبساطتها وعدم مخاطر توظیفها من قبل المجتمع. ولکن فی العصر الحدیث تغیّرت هذه الصورة عند الکثیر من الأدباء فی الشرق والغرب، فقد صُوّرت صورة الغجر تارة فی محرقات النّازیة والظلم الذی عاشوه، وتارة أخرى فی مواقفهم السیاسیّة والاجتماعیة ونرى الکثیر أشادوا بهذه المواقف، ثمّ لا ننسى بأنّ للغجر ثقافة وتراثاً من المهم جداً أن نقرأ الآخر الغجری فی المجتمع العربی، والسّلطة التی تفرض سیطرتها على هذا الشّعب، والتّراث الذی رافق الغجر منذ بزوغ تاریخ البشریة. لذا تروم هذه الدّراسة تلافی هذا النقص العام من خلال دراستها الآخر الغجری فی الرّوایة العربیة. ومن خلال المنهج الوصفی- التحلیلی وفی ضوء المنهج الاجتماعی- النفسی نهدف على قراءة الآخر الغجری فی الرّوایة العربیة، ولهذا البحث اخترنا أربع روایات وکان أساس اختیار هذه النماذج دون غیرها، مراعاة التّنوع فی ثقافات مؤلّفیها وتنوع السّیاق الرّوائی الذی اتّخذ فیه الکاتبُ الغجرَ شخصیّاتٍ لروایته مع تفاوت أهمیّة الشّخصیة الغجریة فی الرّوایات. والرّوایات على الترتیب هی: «الغجر یحبون أیضاً» لواسینی الأعرج وروایة «قلب اللیل» لنجیب محفوظ وروایة «لعنة کین» لفوزی الهنداوی، وروایة «مخلّفات الزّوابع الأخیرة» لجمال ناجی. إذ أنّ ندرس کل ما یرتبط بالآخر الغجری من تراث وسلطة وثقافة. وفی النتائج نرى بأنّ النظرة الدّونیة تجاه الغجر کانت فی نصّ الرّوایات الأربع وعند الشّخصیات فی الرّوایة متّفق علیها، ولا غرو أنّ الغجری أیضاً کان هو بدوره یبتعد عن غیر الغجر ولا یحبّذ الارتباط والعلاقة بالآخر أیّاً کان.