ناصر زارع

تسعى الروایة الکویتیّة مع مثیلاتها من الروایات العربیّة للنضج والتطوّر حیث استطاعت أن تتمیّز کأدب راقٍ، فقد وقفت على قضایا الإنسان، والمجتمع، وتجلّت بخروج عدد من الروائیین الشباب الذین استطاعوا مجاراة أرباب الروایة العربیّة منهم سعود السنعوسی الذی یعدّ المثال الأکثر جدلاً فی هذا المجال بسبب القضایا التی اختارها فی تجربته الروائیّة. تسعى هذه الدراسة معالجة البنیة السردیّة لروایاته الأربعة، وتتطرّق إلى الدلالة الکامنة خلف هذه التقنیات مستخدمةً المنهج الوصفی - التحلیلی فی مکوّنات هامّة کالزمن، والصیغة، والتبئیر والعتبات بناء على نظریة جیرار جینت الذی یعدّ من أقطاب نقد الروایة. ومن النتائج الهامّة التی توصّلت الدراسة إلیها هی إنّ استخدام المفارقات الزمنیّة یدلّ على جدلیّة التراث والحداثة وأزمة المجتمعات العربیّة. کما تکشف لنا الوقفات والأوصاف المستخدمة فی الروایات على بعض الجوانب الفکریّة والنفسیّة للشخصیات وما تعانی منه الشخصیّة الرئیسة کالهویّة، والعنصریّة، والطائفیّة، والیأس... . کما یشیر استخدام تقنیة التواتر التطابقی على إرادة المؤلف لحفر الحادثة وترسیخها فی ذهن المتلقی، لأهمیتها ومرکزیتها أو غرض روائی. إضافة إلى ذلک یمنح النصّ من الشعریّة أو الجمالیّة، کلازمة موسیقیّة. کما بحثنا عن مسألة الصیغة عبر مفهومین؛ هما المسافة والمنظور. تعتمد روایات السنعوسی فی کثیر من المواضع علی تنویع صیغة السارد حسب السیاقات التی ترد فیها؛ حیث حینما یمسّه الأمر بشکل مباشر کأحد شخوص العمل الروائی تبرز الأنا المشارک، وإذا رغب فی أن یترک للشخصیة الروائیّة دورها فی سرد ما یجری، یجری السرد علی لسانها مباشرة، وأحیاناً یلجأ المؤلف إلی تقنیة الراوی الشاهد. وأمّا العتبات ولعلّ أبرز خلاصة تمّ تسجیلها عن العتبات فی مختلف روایات السنعوسی هی أنّ العتبات تعدّ إنتاج موضوعها الأساس بشکل علامة لغویّة مختزلة أو فوتوغرافیّة وتلاحم النص الأصلی، وتعتمد إثارة المتلقی؛ وتکمن أهمیتها فی إمکانیّة فهم النص بشکل مباشر. فهذه العتبات قد أضاءت بعض جوانب الروایات بما فیها من ایجاءات، خاصّة عتبة الغلاف الأمامی، والصورة الطوبوغرافیّة علیها. فلیست عتبة من العتبات المدروسة عنصراً زائداً؛ فالمناص عنصر ضروری فی تشکیل الدلالة وإثراء المعنی.