علی خضری

یُعدّ النقد الثقافی من المناهج النقدیة الحدیثة التی أعطت المتلقی فرصة تحدید النص وفکّ شفراته واستنطاق ما به من معان جدیدة، وهذا ما ینیط الباحث اللثام عنه فی الأشعار الوعظیة لأبی مسلم البهلانی الذی یُعتبر من أبرز شعراء عمان، حیث جاء خطابه الاعتباری، لیحثَّ على عدم الرکون إلى الدنیا ولزوم الحذر من الموت. ولدعواته إلى الخیر واستنهاض المسلمین الأثر البالغ فی أحداث تاریخ عمان الحدیث، خاصة إبان حکم الإمام سالم الخروصی. اعتمد البحث على ضوء آراء الغذامی فی النقد الثقافی، لاستظهار الأنساق المضمرة والمعلنة فی الخطاب الوعظی للبهلانی عبر المنهج الوصفی- التحلیلی فی أربعة محاور وهی: النسق التوعوی من فتن الدنیا وقد حاکه البهلانی فی عباءة النسق الفحولی، باخعاً نفسه فی نسق انکساری وإیدیولوجی. ویقرأ المتلقی فی النسق الاعتباری من الموت نسقاً تحذیریاً للأنا والآخر یستقبح فیه الشاعر غفلة الناس،وفی جلده لنفسه یستشعر القارئ نسقاً عصابیاً لنفس مضطربة یوبِّخ البهلانی فیها الانغرار بالدنیا، کما یبرز النسق الاستعلائی تجاه الآخر. وفی النسقین الأخیرین؛ الدعوة إلى الوحدة والترغیب إلى الخیر أیضا کان السیاق یعبّر عن نسق فحولی للأنا الخبیرة بأسباب الهزیمة عند المسلمین وقد تمّ کشف النسق الصوری عبر الصور الجمالیة للتشبیه فی الدراسة. یستنتج الباحث من کلّ هذه الأنساق المضمرة والمعلنة بتأثُّر الشاعر من الخلفیة الدینیة وانعکاس وطغیان هذا الاتجاه الدینی على معظم دیوانه.