علی اصغر قهرمانی مقبل

نعرف أنّ اللغة العربیّة تنتمی إلى عائلة اللغات السامیّة الحامیّة، کما أنّ الفارسیّة تندرج فی اللغات الهندیّة الأوروبّیّة، فشتّان بین اللغتین من حیث الأصل والجذر. لکنّنا لا نجد لغتین مختلفتی العائلة فی العالم أن تکونا متماسکتین بقدر ما نرى بین العربیّة والفارسیّة. فنلاحظ أنّ العلاقة الوثیقة بینهما تبدأ من قبل الإسلام وتستمرّ إلى عصرنا، إذ أنتجتْ هذه الصلة التاریخیّة بینهما قابلیّات متنوّعة فی مجال الدراسات المقارنَة بین اللغتین والأدبین قدیماً وحدیثاً، لأنّ کلاًّ من اللغتین أو الأدبین لا یخلو من تأثیر فی الجانب الثانی أو تأثُّر به فی طول التاریخ أی قبل الإسلام حتّى أیّامنا هذه. فعلى سبیل المثال لا یتیسّر لنا تحقیق بعض النصوص العربیّة القدیمة وفهمها بدون مساعدة اللغة الفارسیّة مثل آثار الثعالبی، کما لا نتمکّن من تحقیق کثیر من النصوص الفارسیّة تحقیقاً دقیقاً إلاّ بالاستعانة باللغة العربیّة. والدراسات المقارنة بینهما تُلقی الضوء على طریق تعرُّف کلٍّ من أصحاب اللغة على أصحاب اللغة الأخرى، کما تؤدّی إلى تعزیز وتنشئة کلتا اللغتین العربیّة والفارسیّة. نحن فی هذا المجال نسعى إلى الترکیز على طرح مجالات الدراسة المقارنة بین العربیّة والفارسیّة - وهو مجال رحْب جدّاً - فیما یتعلّق بعلم اللغة من جهة، والآداب وتاریخها من جهة أخرى.